كتبت رائدة الأعمال
رنا القليوبي قصة نجاح مصرية عالمية، مما جعلها تحصد أهم التكريمات، فقد حصلت على
شهادة في الآداب والعلوم من الجامعة الأمريكية في القاهرة، بجانب الحصول على شهادة
الماجستير في العلوم من نفس الجامعة، وشهادة الدكتوراه من جامعة كمبريدج، ودكتوراه
من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لتبدأ رحلتها مع التكنولوجيا والابتكار.
قراءة المشاعر
فقد تركت القليوبي
مصر بعد أن حصلت على شهادتي البكالوريوس والماجستير في علوم الحاسب من الجامعة
الأمريكية بالقاهرة، للالتحاق بجامعة كمبريدج، وقد عملت على تطوير برنامج لقراءة
المشاعر في الوقت الفعلي، وبعد ذلك بخمس سنوات انتقلت إلى بوسطن للانضمام إلى
شريكتها روزالين بيكارد في معمل البحوث (Media Lap) بمعهد ماساتشوستس للعلوم، لمعرفة ما يجعل الآلة
ذكية من الناحية العاطفية.
وبعد قضاء معظم وقتها
في المعمل تتفاعل مع أجهزتها، أصبحت رنا مهووسة بكيفية جعل هذه الأجهزة قادرة على
توصيل المشاعر التي كانت تفتقدها في مكالمتها إلى مصر، حيث كانت معظم اتصالاتها
بعائلتها في مصر من خلال هذا الجهاز، وكان معظم التواصل غير اللفظي يضيع في الفضاء
السيبراني.
وهوسها بإيجاد حل
لهذه المشكلة هو ما أدى إلى إنشاء (Affectiva)،
الشركة الناشئة التي تطوّر البرمجيات القادرة على فهم الحالة العاطفية والإدراكية،
من خلال تحليل تعبيرات الوجه، عبر الكاميرا الملحقة بالجهاز.
وفي 2009، قرر كل من
بيكارد ورنا القليوبي الخروج من معهد ماساتشوستس للعلوم، والبدء في تسويق بحثهما
تجارياً حيث بدءا بخدمة التسويق الإعلاني عن طريق منتج أطلق عليه اسم (Affdex).
عمل البرنامج
ويعمل البرنامج
كالآتي: يتلقى المستخدم بريداً إلكترونياً يطلب منه السماح بتشغيل الكاميرا على
سطح المكتب أو في جهاز المحمول، بينما يشاهد المستخدم الفيديو الخاص بصاحب
الإعلان، تُحدد الخوارزميات تعبيرات المُشاهد ثم تقوم بجمعها من العديد من
المشاهدين دون الكشف عن هوياتهم. ويتلقى صاحب الإعلان بعد ذلك تقريراً بشأن
الاستجابة العاطفية للمُشاهد لحظة بلحظة، ويتم تعويض المشاهدين لمشاهدتهم
للإعلانات المحتمل إطلاقها من العلامات التجارية.
مخاوف
كلما كبرت شركة (Affectiva) زادت أيضاً مخاوف
العامة بشأن سوء استخدام المعلومات الشخصية التي أصبح لنظم الذكاء الصناعي الآن
القابلية لتتبعها وتحليلها مثل المعلومات المتعلقة بوجوه الأشخاص، ومن الواضح أن
النظام الذي يحلل الاستجابة العاطفية يمكنه أن يؤدي إلى تفاقم هذه المخاطر لتصل
إلى مستويات جديدة، وكانت رنا تدرك كل هذه المخاوف، وكان ردها على ذلك "إن
مواد البحوث السوقية كلها يجب أن تحصل على تصريح لتسجيل هذه التفاعلات ولا تقوم
بحفظ الفيديوهات أو إرسالها إلى السحابة".
أيضاً، سوف يستخدم كل
من سائقي الشاحنات وصانعي السيارات وموردين مواد سلامة وأمان السيارات تكنولوجيا (Affectiva)، من خلال استخدام
كاميرا صغيرة لمعرفة ما إذا كان السائق يشعر بالنعاس أو نائم أو يقوم بكتابة
الرسائل النصية على هاتفه أو حتى إذا كان ثملاً، فإن برنامج (Affectiva) ينبه السائق ومديرين
الشاحنات.
فيما يتعلق بإمكانيات
السيارات النصف آلية، فيمكن للنظام التحكم في السيارة، وعندما تنتشر السيارات
الآلية ذاتية القيادة على نطاق واسع، تقول رنا إن هذه التكنولوجيا سيتم استخدامها لتعزيز
تجربة الراكب من خلال معرفة شعور الراكب وضبط الموسيقى والإضاءة والحرارة وفقاً
لذلك.
استثمارات
وحتى اليوم، جمعت رنا
وشريكتها المؤسِسة أكثر من 26 مليون دولار من المستثمرين، بما فيهم شركة (Kleiner Perkins)، وشركة (CAC) القابضة، ومؤسسة (National Science Foundation)،
ولا تزال تكنولوجيا الشركة تُستخدم في غرضها الأول، وهو مساعدة الأطفال المصابين
بالتوحد، ففي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بدأت كل من رنا وبيكارد بتطوير
التكنولوجيا بهدف التركيز على مساعدة الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، لمعرفة
كيف يشعر الأشخاص الآخرون، لأنهم يعانون من عدم القدرة على التواصل عن طريق إلقاء
النظرات أو قراءة تعبيرات ومشاعر الآخرين، وتقول رنا "إنهم يفتقدون بالفعل
إلى هذه المعلومات الغنية، والتي تقلل من قدرتهم على تكوين صداقات في المدرسة أو
الحصول على وظيفة".
نظارات ذكية
وعقدت (Affectiva) شراكة مع (Brain Power) الشركة الناشئة في
مجال التكنولوجيا، والتي تستخدم النظارات الحاسوبية مثل نظارات جوجل، وقد أدمجت
الشركة تكنولوجيا (Affectiva)
بهذه النظارات الذكية، وأطلقت هذا المنتج الجديد في (Godden Center) البرنامج القائم على
الأبحاث المعني بالشباب المصابين بمرض التوحد وإعاقات النمو في مدينة بروفيدنس
بولاية رود آيلاند. ومع تصميم البرنامج كأداة تدريبية لمساعدة الأطفال على التواصل
مع الأفراد على طريقة ألعاب الفيديو، يقدم البرنامج النقاط إذا ابتسم أحدهم لك
واستطعت أنت إدراك ذلك.
مدير تنفيذي
وعملت رنا كمديرة
تنفيذية للتكنولوجيا، وكانت في الكثير من الأوقات وجه شركة (Affectiva) عند الترويج لجذب المستثمرين،
ولكنها ابتعدت عن المناصب القيادية عندما جاء وقت إيجاد بديل لنيكولاس لانجفيلد
بعد أن تنحى في عام 2013 عن منصب المدير التنفيذي، فتتذكر هي كيف شعرت بكونها
قليلة الخبرة للقيام بذلك الدور.
وفي عام 2016، بعد أن
أدركت أنها كانت تتصرف كأنها المدير التنفيذي بالفعل، قررت إن الوقت قد حان لكي
تحصل هي على المنصب، ووافق الجميع على ذلك، " فقد كان إقناع الآخرين أسهل
بكثير، الأكثر صعوبة كان إقناع نفسي بذلك" مثلما قالت القليوبي.
ومنذ ذلك الحين تعودت
رنا أن تكون في دائرة الضوء، لدرجة أنها قدمت معرفتها بعلم الأعصاب والتكنولوجيا
في القنوات التليفزيونية العالمية، حيث كانت إحدى مقدمي برنامج (NOVA Wonders) المكون من ستة حلقات،
على شبكة (PBS)،
والذي يتناول أكبر الأسئلة المطروحة المتعلقة بالعلوم.
وقالت رنا "أنا
استمد الإلهام من مدى مثابرة أبنائي عندما يواجهان التجارب الصعبة، إذا كان
بإمكانهما الوقوع والنهوض مرة أخرى، فيمكنني أنا أيضاً القيام بذلك عندما يرفض
مستثمر ما عرضاً نقدمه".
وفي 2021 استحوذت
شركة Smart Eye
الأمريكية على Affectiva،
وتصبح رنا القليوبي نائب الرئيس التنفيذي لشركة Smart Eye، وتعمل على توسيع نطاق الشركة،
لتصبح قوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتضع دفع الابتكار في الذكاء
الاصطناعي أولوية.
تكريم
ونظرا لإسهاماتها العلمية
فقد اختيرت رنا القليوبي ضمن السيدات السبعة الأكثر تأثيرا في عام 2014 في استفتاء
مجلة Entrepreneur،
كما تم تصنيفها على أنها واحدة من أهم ٣٥ مخترعا واعدا في العالم، وهي تلك القائمة
التي ضمت مخترعي جوجل وفيس بوك وغيرهما، حيث تبحث رنا في مجال الذكاء الصناعي
والتعليم الآلي، كما انضمت إلى قائمة فوربس لأقوى 50 سيدة في مجال التكنولوجيا في
2019، بجانب العديد من التكريمات الأخرى.
Girl Decoded
وطرحت القليوبي
كتابها باللغة الإنجليزية Girl
Decoded، وهو سيرة ذاتية لها، ومقسّم إلى أربعة أجزاء تحكي فيها رنا عن
حياتها المُبكّرة ونجاحاتها، والجزء الأول "Nice Egyptian Woman" يعرض الجانب
الشخصي من حياتها حتى زواجها عام 2000، والجزء الثاني "The Scientist and the Mind Reader" ويستعرض مسيرتها
العلمية والأكاديمية وحياتها في الغربة، ودراستها في جامعة كمبريدج.
وفي الجزء الثالث "Straddling Two Worlds" تتحدث فيه
القليوبي عن موائمتها بين ثقافتها الأم، والثقافة الأجنبية التي تدرس وتعمل فيها،
والجزء الرابع "A Pioneer in
AI" تتحدث فيه رنا القليوبي عن حياتها المهنية والشخصية في الولايات
المتحدة وعن حصولها على الجنسية الأمريكية، وما وصلت إليه صناعة الروبوتات.
تعليقات
إرسال تعليق