التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تعرف على الخطأ الفادح الذي يدفع الشركات الناشئة إلى الانهيار


في خضم اندفاعهم نحو تحقيق النجاح وبناء شركاتهم الخاصة، غالباً ما يقع رواد الأعمال في فخ الحماس المفرط لأفكارهم، مؤمنين بأن مجرد ابتكار منتج ثوري أو خدمة فريدة هو المفتاح السحري للنجاح. ولكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أن أي منتج جديد، مهما بدا مميزاً، لا قيمة له إذا لم يكن هناك طلب حقيقي عليه. فغموض الحاجة الفعلية لأي منتج يحوله إلى عبء مالي، يستنزف الموارد ويبدد جهود مبتكريه، ليؤدي إلى فشله قبل أن يجد طريقه إلى السوق.

خطأ قاتل

وبحسب تقرير أعدته "CNBC" يقول ستيف بلانك، الأستاذ المساعد في جامعة ستانفورد، الذي ألّف أربعة كتب حول ريادة الأعمال، إن الكثير من رواد الأعمال يعتقدون أن الفكرة المبتكرة كفيلة وحدها بخلق مشروع ناجح، ولكن هذا الاعتقاد هو بمثابة "خطأ قاتل". فلا يجوز تطوير منتج جديد قبل التأكد من أن العملاء المحتملين بحاجة إليه. مشيراً إلى أنه رأى هذا التصرف القاتل يحدث "مليون مرة" وقد حدث معه هو شخصياً، مما تسبب في أكبر إخفاقاته المهنية.

ويكشف بلانك أنه شارك في تأسيس شركة ألعاب فيديو تُدعى "روكيت ساينس جيمز" عام 1993، وجمع 35 مليون دولار كتمويل لها. كان لدى الشركة مهندسون موهوبون، وأثارت مجموعتها الأولى من الألعاب ضجة، لكن بلانك اكتشف متأخراً أن العملاء اعتبروا الألعاب التي تقدمها شركته "سيئة"، ولذلك لم تتحقق المبيعات المرجوّة.

وأغلقت شركة "روكيت ساينس جيمز" أبوابها عام 1997، لتصبح مثالاً لفشل ذريع في صناعة التكنولوجيا، وفقا لسكاي نيوز عربية.

آراء العملاء 

ويقول بلانك إنه ربما لم يكن ليطلق مشروع "روكيت ساينس جيمز" أبداً، لو اتبع نصيحته الحالية وسعى للحصول على آراء العملاء قبل فوات الأوان، مشدداً على أن أي رائد أعمال يفكر بمشروع جديد عليه أن يطرح على نفسه ثلاثة أسئلة هي: "من هم عملائي؟ ماذا يريدون؟ هل يمكنني بيع المنتج لشخص ما؟"

كما يكشف ستيف بلانك، أنه بصفته أستاذاً جامعياً، دائماً ما يحث طلابه على الخروج من المكتب أو الفصل الدراسي والاستماع إلى العملاء المحتملين الفعليين، وهي خطوة تُعتبر بمثابة مفتاح نجاح لرواد الأعمال، داعياً إلى الابتعاد عن الغطرسة في اتخاذ القرارات، وعدم تصديق رواد الأعمال لأوهامهم. فابتكار فكرة مشروع تجاري أولاً، ثم تحديد كيفية بيع هذا المنتج أو الخدمة قبل التأكد من أنه شيء يرغب فيه العملاء هو وصفة للفشل ستدمّر المشروع قبل أن يبدأ.

مفتاح النجاح

بدوره يرى المستثمر روبرت هيرجافيك، أنه من الطبيعي أن يتعلق رواد الأعمال بمنتجاتهم أو الخدمات التي يقدمونها، ولكن النجاح يعتمد على رؤية قيمة المنتج من خلال "عيون العميل". فعدم الاستماع إلى العملاء يمكن أن يحدث الفرق بين ازدهار الأعمال وتلاشيها. بينما يعتبر ألبرتو بيرلمان، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "Zumba Fitness"، أن "أكبر خطأ" يرتكبه رواد الأعمال هو اعتقادهم بأنهم يعرفون من هو عميلهم.

فشل الشركات الناشئة

وفقاً لدراسة أجرتها شركة "CB Insights" التي توفر معلومات عن السوق والشركات الخاصة والمستثمرين، فإن 42 بالمئة من الشركات الناشئة تفشل بسبب عدم وجود حاجة حقيقية في السوق للمنتجات أو الخدمات التي تقدمها. وهذا يعني أن هذه الشركات لم تتمكن من تحديد احتياجات العملاء المحتملين بشكل دقيق، مما أدى إلى عدم قبول السوق لما تقدمه.

حب الفكرة

ويقول الخبير في تأسيس العلامات التجارية سليم الحاج، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن معظم رواد الأعمال يقعون في حب أفكارهم لدرجة تجعلهم يظنون أنها وحدها قادرة على تغيير السوق، حيث يتجاهل هؤلاء أخذ رأي العملاء المحتملين، وهم العنصر الأهم في المشروع. مشيراً إلى أن الحماس مطلوب، لكنه لا يجب أن يُبعد رواد الأعمال عن الواقع. فالشركات الناشئة الناجحة ليست تلك التي تبتكر أفكاراً غير مسبوقة فقط، بل تلك التي تعرف كيف تجعل هذه الأفكار مفيدة ومطلوبة. فلو كانت الفكرة وحدها تكفي، لما فشلت آلاف الشركات الناشئة التي انطلقت بتقنيات ثورية لكنها لم تجد من يستخدمها.

الحماس المفرط

وشدد الحاج على أن الحماس المفرط للأفكار الجديدة ضروري، لكنه يصبح خطيراً عندما يُعمي رواد الأعمال عن الحقائق الصعبة. والمثال على ذلك ما حدث مع شركة "Quibi"، وهي منصة بث رقمية مدفوعة تشبه منصة "نتفليكس"، لكنها تتميز بإنتاج أفلام حصرية لا تتجاوز مدتها 10 دقائق، موجهة لمستخدمي الهواتف الذكية من جيل الألفية. وقد جمعت المنصة 1.75 مليار دولار وأطلقت أعمالها في أبريل 2020، ولكنها بعد 6 أشهر فقط أغلقت أبوابها، لأن الجمهور لم يكن بحاجة لهذا النوع من المحتوى المدفوع، وهو الرأي الذي لم تستمع إليه الشركة منذ البداية.

استراتيجيات لفهم احتياجات السوق

ويكشف الحاج أن هناك عدة طرق فعالة يمكن لرواد الأعمال استخدامها لفهم عملائهم المحتملين بشكل أفضل، أهمها "الوقوف على رأي العملاء"، حيث يتحدث مؤسسو الأعمال مباشرة مع العملاء المحتملين لفهم احتياجاتهم. كما يمكنهم اللجوء إلى تطبيق خيار ما يُعرف بـ "MVP" أو المنتج الأولي القابل للتجربة، تماماً كما فعلت "Dropbox" عندما أطلقت فيديو يوضح كيفية عمل الخدمة قبل تطوير المنتج نفسه، مما ساعدها على التحقق من وجود طلب حقيقي.

كما يمكن لرواد الأعمال اللجوء إلى أدوات وشركات تحليل البيانات التي تراقب اتجاهات السوق، مما يعطيهم صورة واضحة عن مدى احتمال نجاح مشروعهم الجديد قبل ضخ أموال ضخمة فيه.

التجربة الفردية ليست قاعدة

بدوره يقول المحلل الاقتصادي والمالي محمد الحسن، إنه عندما يبتكر شخص ما فكرة، يكون مقتنعاً تماماً بعبقريتها، وغالباً ما يرى العالم من خلال عدسة تفكيره فقط.

فكثير من رواد الأعمال يعتقدون أنهم يعرفون احتياجات السوق لأنهم مروا شخصياً بتجربة معينة دفعتهم لابتكار منتج أو خدمة. ولكن هذا خطأ كبير، فالتجربة الفردية لا تمثل قاعدة عامة. لافتاً إلى أن الشركات الكبرى نفسها وقعت في هذا الفخ. فمثلاً شركة "كوداك" رفضت التحول إلى الكاميرات الرقمية رغم امتلاكها التقنية للقيام بذلك، لأنها افترضت أن العملاء سيظلون أوفياء للأفلام التقليدية. ولكن النتيجة كانت خسارة الشركة للسوق بالكامل. وهذا يؤكد أن الحل يكمن في الاستماع إلى بيانات السوق الحقيقية، وليست الافتراضات الشخصية.

عدو خفي

واعتبر الحسن أن أي شخص يُفكر في إطلاق مشروع جديد يجب أن يبدأ من العميل وليس من الفكرة، كما عليه أن يسأل نفسه إن كان هناك من سيشتري المنتج الجديد. مشدداً على أن أعظم رواد الأعمال هم أولئك الذين يمتلكون القدرة على الاستماع والتحليل والتكيف، مثل إيلون ماسك وجيف بيزوس وغيرهم، الذين لم يفرضوا أفكارهم على السوق، بل درسوها واستجابوا لاحتياجاتها. بينما تعتبر الغطرسة الريادية العدو الخفي لأي مشروع جديد. لذلك، قبل استثمار الوقت والمال في تطوير منتج أو خدمة، يجب على رواد الأعمال فهم السوق الفعلية المتمثلة في العملاء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تعامل عمر جبر ومعتز سليمان مع رفض المستثمرين والمستخدمين لفكرتهما قبل جمع أكثر من 50 مليون دولار استثمارات؟

  عمر جبر ومعتز سليمان Instabug هي شركة ناشئة تهدف إلى مساعدة مطوري الأجهزة المحمولة، في مراقبة وتحديد وإصلاح الأخطاء داخل التطبيقات، وأعلنت عن جمعها 46 مليون دولار، في جولة تمويل من السلسلة B ، في 2022، وذلك بعد عامين من قيام الشركة بجمع 5 ملايين دولار في الجولة الأولى، ولم يكن مشوار الشركة سهلا في البداية، فقد كافح مؤسسا الشركة عمر جبر ومعتز سليمان، من أجل إطلاق منتجهما في السوق..   البداية تحدث عمر جبر، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لـ Instabug ، عن مشوار الشركة في كتاب" Startup Arabia " لرائد الأعمال أمير حجازي، حيث تخرج جبر كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وقابل معتز سليمان في السنة الأولى بالجامعة، حيث كان كل منهما يدرس علوم الحاسب والاتصالات، ودرسا بالكلية الاتصالات عن بعد وبرمجة الحاسب، وقاما بإعداد أغلب المشاريع بالجامعة معا، سواء كانت خاصة بالبرمجيات أو مكونات الحاسب، وبدأ جبر يقرأ عن الشركات الناشئة، مما زاد من اهتمامه بتأسيس شركته التكنولوجية الخاصة.   تجارب جامعية خلال الفصل الأخير من الدراسة الجامعية كان يجرب جبر ومعتز العمل على نظام تشغيل IOS ،...

كيف تدعم Simplex التنمية الصناعية في مصر؟

أعلنت Exits Mena عن نجاح عملية جمع الاستثمار لشركة Simplex CNC، الشركة الرائدة في مجال تصنيع CNC في مصر بقيادة أحمد شعبان. حصلت Simplex على استثمار مكوّن من 8 أرقام من مستثمر ملائكي، مع تسهيل الصفقة من قبل Exits Mena. ومن خلال عملها كمستشار لجانب الشراء، لعبت شركة Exits Mena دورًا محوريًا في تأمين هذه الصفقة التحويلية. مشروع تخرج بدأت رحلة نجاح سيمبلكس في 2013، كمشروع تخرج أثناء دراسة المؤسسين بجامعة المنيا، وعقب التخرج وجدوا أنهم يمكنهم تحويل المنتج إلى مشروع على الأرض، وعمل الفريق لمدة عام في شركة تابعة لشنايدرك إلكتريك، ثم أطلقوا Simplex في 2013، والتي تقدم حلولاً صناعية للشركات، حيث تصنع ماكينات التوجيه باستخدام الحاسب الآلي، والتي تعمل على قص وحفر الأسطح الخشبية والأكريليك والألمنيوم بدرجة عالية من الدقة والسرعة، مما ينتج عنه عملية إنتاج أقوى من تلك التي تعتمد على العمالة اليدوية.  التصدير   استطاعت الشركة تصدير منتجاتها إلى 20 دولة، منها السعودية والإمارات والكويت والعراق وليبيا والسودان، وقد قامت بإنتاج 10 أنواع من الماكينات. وقد تم اختيار الشركة ضمن أهم 100 شركة عربية ...

إطلاق الكبسولة مع نجاتي.. تعرف على كيفية المتابعة

أعلنت "فيكتوري لينك" الشركة المتخصصة في تقديم الحلول التكنولوجية والرقمية المتكاملة، عن إطلاق أحدث شركاتها تحت اسم "VAS BOX"، وهي شركة متخصصة في إنتاج المحتوى الرقمي وخدمات ما بعد الإنتاج من إدارة وتوزيع وتسويق المحتوى الرقمي بحرفية وخبرة، سواء كان المحتوى من إنتاجها أو تملك حقوق استغلاله بشتى أنواعه، تعليميًا، ترفيهيًا أو غيره.  استراتيجية تعمل الشركة الجديدة على وضع أهداف استراتيجية ومالية ورؤية مستقبلية، وتنفيذ الرؤية المحددة للمحتوى. وذلك ليس قاصرًا على مصر والشرق الأوسط فقط بل جميع أنحاء العالم ، وتكمن قوة هذه الشركة في خبرة الشركة الأم "فيكتورى لينك"، بالإضافة إلى فريق من المحترفين يمتلكون الخبرة والمعرفة في مجال الإنتاج والتسويق للمحتوى الرقمي وتوزيعه على المنصات المختلفة، وذلك عن طريق استخدام أحدث التقنيات والأدوات لتحقيق الجودة العالية. الكبسولة وتم تدشين أولى مخرجات الشركة من خلال إنتاج محتوى رقمي يحمل اسم "الكبسولة" مع رائد الأعمال البارز "محمد أبو النجا نجاتي"، وهي سلسلة من الفيديوهات التوعوية والإرشادية لأصحاب المشروعات الص...